خدمات تلفن همراه

قرآن تبيان- جزء 21 - حزب 41 - سوره عنکبوت - صفحه 402


وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْکِتَابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِی أُنزِلَ إِلَیْنَا وَأُنزِلَ إِلَیْکُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُکُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
46 - (من ) الاولي والثانية لابتداء الغاية ، أي : أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة .و(من الشجرة) بدل من قوله : من شاطئ الوادي ، يدل الاشتمال ، لان الشجرة كانت نابتة علي الشاطئ ، كقوله تعالي (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم ) وقرئ : (البقعة) بالضم والفتح .و(الرهب ) بفتحتين ، وضمتين ، وفتح وسكون ، وضم وسكون : وهو الخوف .
وَکَذَلِکَ أَنزَلْنَا إِلَیْکَ الْکِتَابَ فَالَّذِینَ آتَیْنَاهُمُ الْکِتَابَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَن یُؤْمِنُ بِهِ وَمَا یَجْحَدُ بِآیَاتِنَا إِلَّا الْکَافِرُونَ
47 - فإن قلت : ما معني قوله (واضمم إليك جناحك من الرهب ) ؟ قلت : فيه معنيان ، أحدهما : أن موسي عليه السلام لما قلب الله العصاحية : فزع واضطرب ، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشئ ، فقيل له : إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الاعداء . فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية ، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الامران : اجتناب ماهو غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخري . والمراد بالجناح : اليد ، لان يدي الانسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمني تحت عضد يده اليسري ، فقد ضم جناحه إليه . والثاني : أن يراد بضم جناحه إليه : تجلده وضبطه نفسه . وتشدده عند انقلاب العصاحية حتي لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر ، لانه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما . وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران . ومنه ما يحكي عن عمر بن عبدالعزيز أن كاتبا له كان يكتب بين يديه ، فانفلتت منه فلتة ريح ، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الارض ، فقال له عمر : خذ قلمك ، واضمم إليك جناحك ، وليفرخ روعك ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي . ومعني قوله (من الرهب ) من أجل الرهب ، أي : إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك : جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعني : (واضمم إليك جناحك )، وقوله (اسلك يدك في جيبك ) علي أحد التفسيرين : واحد . ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرر المعني الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني : إخفاء الرهب . فإن قلت : قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما وفي الاخر مضموما إليه ، وذلك قوله (واضمم إليك جناحك ) وقوله (واضمم يدك إلي جناحك ) فما التوفيق بينهما؟ قلت : المراد بالجناح المضموم . هو اليد اليمني ، وبالمضموم إليه : اليد اليسري وكل واحدة من يمني اليدين ويسراهما : جناح . ومن بدع التفاسير : أن الرهب : الكم ، بلغة حمير وأنهم يقولون : أعطني مما في رهبك ، وليت شعري كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الاثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الاية ؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل ؟ علي أن موسي عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها (فذانك ) قرئ مخففا ومشددا ، فالمخفف مثني ذاك . والمشدد مثني ذلك ، (برهانان ) حجتان بينتان نيرتان . فإن قلت : لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت : لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء . برهرهة ، بتكرير العين واللام معا . والدليل علي زيادة النون قولهم : أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان . ونظيره تسميتهم إياها سلطانا من السليط وهو الزيت ، لانارتها .
وَمَا کُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن کِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِیَمِینِکَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ
48 - فإن قلت : ما معني قوله (واضمم إليك جناحك من الرهب ) ؟ قلت : فيه معنيان ، أحدهما : أن موسي عليه السلام لما قلب الله العصاحية : فزع واضطرب ، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشئ ، فقيل له : إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الاعداء . فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية ، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الامران : اجتناب ماهو غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخري . والمراد بالجناح : اليد ، لان يدي الانسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمني تحت عضد يده اليسري ، فقد ضم جناحه إليه . والثاني : أن يراد بضم جناحه إليه : تجلده وضبطه نفسه . وتشدده عند انقلاب العصاحية حتي لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر ، لانه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما . وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران . ومنه ما يحكي عن عمر بن عبدالعزيز أن كاتبا له كان يكتب بين يديه ، فانفلتت منه فلتة ريح ، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الارض ، فقال له عمر : خذ قلمك ، واضمم إليك جناحك ، وليفرخ روعك ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي . ومعني قوله (من الرهب ) من أجل الرهب ، أي : إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك : جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعني : (واضمم إليك جناحك )، وقوله (اسلك يدك في جيبك ) علي أحد التفسيرين : واحد . ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرر المعني الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني : إخفاء الرهب . فإن قلت : قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما وفي الاخر مضموما إليه ، وذلك قوله (واضمم إليك جناحك ) وقوله (واضمم يدك إلي جناحك ) فما التوفيق بينهما؟ قلت : المراد بالجناح المضموم . هو اليد اليمني ، وبالمضموم إليه : اليد اليسري وكل واحدة من يمني اليدين ويسراهما : جناح . ومن بدع التفاسير : أن الرهب : الكم ، بلغة حمير وأنهم يقولون : أعطني مما في رهبك ، وليت شعري كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الاثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الاية ؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل ؟ علي أن موسي عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها (فذانك ) قرئ مخففا ومشددا ، فالمخفف مثني ذاك . والمشدد مثني ذلك ، (برهانان ) حجتان بينتان نيرتان . فإن قلت : لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت : لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء . برهرهة ، بتكرير العين واللام معا . والدليل علي زيادة النون قولهم : أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان . ونظيره تسميتهم إياها سلطانا من السليط وهو الزيت ، لانارتها .
بَلْ هُوَ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا یَجْحَدُ بِآیَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ
49 - يقال : ردأته : أعنته . والردء : اسم مايعان به ،فعل بمعني مفعول كما أن الدف ء اسم لما يدفأ به . قال سلامة بن جندل : وردئي كل أبيض مشرفي شحيذ الحد عضب ذي فلول وقرئ : ردا علي التخفيف ، كما قرئ : الخب (ردءا يصدقني ) بالرفع والجزم صفة وجواب ، نحو (وليا يرثني ) سواء . فإن قلت : تصديق أخيه ما الفائدة فيه ؟ قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسي ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفار ، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة ، فذلك جار مجري التصديق المفيد ، كما يصدق القول بالبرهان . ألا تري إلي قوله (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ) ، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك ، لا لقوله : صدقت ، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه ، أو يصل جناح كلامه بالبيان ، حتي يصدقه الذي يخاف تكذيبه ، فأسند التصديق إلي هرون ، لانه السبب فيه إسنادا مجازيا . ومعني الاسناد المجازي : أن التصديق حقيقة في المصدق ، فإسناده إليه حقيقة وليس في السبب تصديق ، ولكن استعير له الاسناد لانه لابس التصديق بالتسبب كما لابسه الفاعل بالمباشرة . والدليل علي هذا الوجه قوله : (إني أخاف أن يكذبون ) وقراءة من قرأ : ردءا يصدقوني . وفيها تقوية للقراءة بجزم يصدقني .
وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَیْهِ آیَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآیَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِیرٌ مُّبِینٌ
50 - يقال : ردأته : أعنته . والردء : اسم مايعان به ،فعل بمعني مفعول كما أن الدف ء اسم لما يدفأ به . قال سلامة بن جندل : وردئي كل أبيض مشرفي شحيذ الحد عضب ذي فلول وقرئ : ردا علي التخفيف ، كما قرئ : الخب (ردءا يصدقني ) بالرفع والجزم صفة وجواب ، نحو (وليا يرثني ) سواء . فإن قلت : تصديق أخيه ما الفائدة فيه ؟ قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسي ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفار ، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة ، فذلك جار مجري التصديق المفيد ، كما يصدق القول بالبرهان . ألا تري إلي قوله (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ) ، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك ، لا لقوله : صدقت ، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه ، أو يصل جناح كلامه بالبيان ، حتي يصدقه الذي يخاف تكذيبه ، فأسند التصديق إلي هرون ، لانه السبب فيه إسنادا مجازيا . ومعني الاسناد المجازي : أن التصديق حقيقة في المصدق ، فإسناده إليه حقيقة وليس في السبب تصديق ، ولكن استعير له الاسناد لانه لابس التصديق بالتسبب كما لابسه الفاعل بالمباشرة . والدليل علي هذا الوجه قوله : (إني أخاف أن يكذبون ) وقراءة من قرأ : ردءا يصدقوني . وفيها تقوية للقراءة بجزم يصدقني .
أَوَلَمْ یَکْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَیْکَ الْکِتَابَ یُتْلَى عَلَیْهِمْ إِنَّ فِی ذَلِکَ لَرَحْمَةً وَذِکْرَى لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ
51 - العضد : قوام اليد ، وبشدتها تشتد . قال طرفة : أبني لبيني لستمو بيد إلا يدا ليست لها عضد ويقال في دعاء الخير : شد الله عضدك . وفي ضده ، فت الله في عضدك . ومعني (سنشد عضدك بأخيك ) سنقويك به ونعينك ، فإما أن يكون ذلك لان اليد تشتد بشدة العضد . والجملة تقوي بشدة اليد علي مزاولة الامور . وإما لان الرجل شبه باليد في اشتدادها باشتداد العضد ، فجعل كأنه يد مشتدة بعضد شديدة (سلطانا) غلبة وتسلطا. أو حجة واضحة (بَياتنا) متعلق بنحو ما تعلق به في تسع آيات ، أي اذهبا بَياتنا. أو بنجعل لكما سلطانا ، أي : نسلطكما بَياتنا . أو بلا يصلون ، أي : تمتنعون منهم بَياتنا . أو هو بيان للغالبون لا صلة ، لامتناع تقدم الصلة علي الموصول . ولو تأخر : لم يكن إلا صلة له . ويجوز أن يكون قسما جوابه : لا يصلون ، مقدما عليه . أو من لغو القسم .
قُلْ کَفَى بِاللَّهِ بَیْنِی وَبَیْنَکُمْ شَهِیدًا یَعْلَمُ مَا فِی السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِینَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَکَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِکَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
52 - (سحر مفتري ) سحر تعمله أنت ثم تفتريه علي الله . أو سحر ظاهر افتراؤه . أو موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عندالله (في آبائنا) حال منصوبة عن هذا ، أي : كائنا في زمانهم وأيامهم ، يريد : ما حدثنا بكونه فيهم ، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك ، وقد سمعوا وعلموا بنحوه . أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته . أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسي ومجيئه بما جاء به . وهذا دليل علي أنهم حجوا وبهتوا ، وما وجدوا ما يدفعون به ما جاءهم من الايات إلا قولهم هذا سحر وبدعة لم يسمعوا بمثلها .

صفحه : 402
بزرگتر  کوچکتر  بدون ترجمه  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
قرآن  عثمان طه با کیفیت بالا صفحه 402
تصویر  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 

46 - (من ) الاولي والثانية لابتداء الغاية ، أي : أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة .و(من الشجرة) بدل من قوله : من شاطئ الوادي ، يدل الاشتمال ، لان الشجرة كانت نابتة علي الشاطئ ، كقوله تعالي (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم ) وقرئ : (البقعة) بالضم والفتح .و(الرهب ) بفتحتين ، وضمتين ، وفتح وسكون ، وضم وسكون : وهو الخوف .

47 - فإن قلت : ما معني قوله (واضمم إليك جناحك من الرهب ) ؟ قلت : فيه معنيان ، أحدهما : أن موسي عليه السلام لما قلب الله العصاحية : فزع واضطرب ، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشئ ، فقيل له : إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الاعداء . فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية ، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الامران : اجتناب ماهو غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخري . والمراد بالجناح : اليد ، لان يدي الانسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمني تحت عضد يده اليسري ، فقد ضم جناحه إليه . والثاني : أن يراد بضم جناحه إليه : تجلده وضبطه نفسه . وتشدده عند انقلاب العصاحية حتي لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر ، لانه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما . وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران . ومنه ما يحكي عن عمر بن عبدالعزيز أن كاتبا له كان يكتب بين يديه ، فانفلتت منه فلتة ريح ، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الارض ، فقال له عمر : خذ قلمك ، واضمم إليك جناحك ، وليفرخ روعك ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي . ومعني قوله (من الرهب ) من أجل الرهب ، أي : إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك : جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعني : (واضمم إليك جناحك )، وقوله (اسلك يدك في جيبك ) علي أحد التفسيرين : واحد . ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرر المعني الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني : إخفاء الرهب . فإن قلت : قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما وفي الاخر مضموما إليه ، وذلك قوله (واضمم إليك جناحك ) وقوله (واضمم يدك إلي جناحك ) فما التوفيق بينهما؟ قلت : المراد بالجناح المضموم . هو اليد اليمني ، وبالمضموم إليه : اليد اليسري وكل واحدة من يمني اليدين ويسراهما : جناح . ومن بدع التفاسير : أن الرهب : الكم ، بلغة حمير وأنهم يقولون : أعطني مما في رهبك ، وليت شعري كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الاثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الاية ؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل ؟ علي أن موسي عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها (فذانك ) قرئ مخففا ومشددا ، فالمخفف مثني ذاك . والمشدد مثني ذلك ، (برهانان ) حجتان بينتان نيرتان . فإن قلت : لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت : لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء . برهرهة ، بتكرير العين واللام معا . والدليل علي زيادة النون قولهم : أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان . ونظيره تسميتهم إياها سلطانا من السليط وهو الزيت ، لانارتها .

48 - فإن قلت : ما معني قوله (واضمم إليك جناحك من الرهب ) ؟ قلت : فيه معنيان ، أحدهما : أن موسي عليه السلام لما قلب الله العصاحية : فزع واضطرب ، فاتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشئ ، فقيل له : إن اتقاءك بيدك فيه غضاضة عند الاعداء . فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية ، فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ، ثم أخرجها بيضاء ليحصل الامران : اجتناب ماهو غضاضة عليك ، وإظهار معجزة أخري . والمراد بالجناح : اليد ، لان يدي الانسان بمنزلة جناحي الطائر. وإذا أدخل يده اليمني تحت عضد يده اليسري ، فقد ضم جناحه إليه . والثاني : أن يراد بضم جناحه إليه : تجلده وضبطه نفسه . وتشدده عند انقلاب العصاحية حتي لا يضطرب ولا يرهب ، استعارة من فعل الطائر ، لانه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما . وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران . ومنه ما يحكي عن عمر بن عبدالعزيز أن كاتبا له كان يكتب بين يديه ، فانفلتت منه فلتة ريح ، فخجل وانكسر، فقام وضرب بقلمه الارض ، فقال له عمر : خذ قلمك ، واضمم إليك جناحك ، وليفرخ روعك ، فإني ما سمعتها من أحد أكثر مما سمعتها من نفسي . ومعني قوله (من الرهب ) من أجل الرهب ، أي : إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك : جعل الرهب الذي كان يصيبه سببا وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه . ومعني : (واضمم إليك جناحك )، وقوله (اسلك يدك في جيبك ) علي أحد التفسيرين : واحد . ولكن خولف بين العبارتين ، وإنما كرر المعني الواحد لاختلاف الغرضين ، وذلك أن الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء وفي الثاني : إخفاء الرهب . فإن قلت : قد جعل الجناح وهو اليد في أحد الموضعين مضموما وفي الاخر مضموما إليه ، وذلك قوله (واضمم إليك جناحك ) وقوله (واضمم يدك إلي جناحك ) فما التوفيق بينهما؟ قلت : المراد بالجناح المضموم . هو اليد اليمني ، وبالمضموم إليه : اليد اليسري وكل واحدة من يمني اليدين ويسراهما : جناح . ومن بدع التفاسير : أن الرهب : الكم ، بلغة حمير وأنهم يقولون : أعطني مما في رهبك ، وليت شعري كيف صحته في اللغة ؟ وهل سمع من الاثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ؟ ثم ليت شعري كيف موقعه في الاية ؟ وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل ؟ علي أن موسي عليه السلام ما كان عليه ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها (فذانك ) قرئ مخففا ومشددا ، فالمخفف مثني ذاك . والمشدد مثني ذلك ، (برهانان ) حجتان بينتان نيرتان . فإن قلت : لم سميت الحجة برهانا ؟ قلت : لبياضها وإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء . برهرهة ، بتكرير العين واللام معا . والدليل علي زيادة النون قولهم : أبره الرجل ، إذا جاء بالبرهان . ونظيره تسميتهم إياها سلطانا من السليط وهو الزيت ، لانارتها .

49 - يقال : ردأته : أعنته . والردء : اسم مايعان به ،فعل بمعني مفعول كما أن الدف ء اسم لما يدفأ به . قال سلامة بن جندل : وردئي كل أبيض مشرفي شحيذ الحد عضب ذي فلول وقرئ : ردا علي التخفيف ، كما قرئ : الخب (ردءا يصدقني ) بالرفع والجزم صفة وجواب ، نحو (وليا يرثني ) سواء . فإن قلت : تصديق أخيه ما الفائدة فيه ؟ قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسي ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفار ، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة ، فذلك جار مجري التصديق المفيد ، كما يصدق القول بالبرهان . ألا تري إلي قوله (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ) ، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك ، لا لقوله : صدقت ، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه ، أو يصل جناح كلامه بالبيان ، حتي يصدقه الذي يخاف تكذيبه ، فأسند التصديق إلي هرون ، لانه السبب فيه إسنادا مجازيا . ومعني الاسناد المجازي : أن التصديق حقيقة في المصدق ، فإسناده إليه حقيقة وليس في السبب تصديق ، ولكن استعير له الاسناد لانه لابس التصديق بالتسبب كما لابسه الفاعل بالمباشرة . والدليل علي هذا الوجه قوله : (إني أخاف أن يكذبون ) وقراءة من قرأ : ردءا يصدقوني . وفيها تقوية للقراءة بجزم يصدقني .

50 - يقال : ردأته : أعنته . والردء : اسم مايعان به ،فعل بمعني مفعول كما أن الدف ء اسم لما يدفأ به . قال سلامة بن جندل : وردئي كل أبيض مشرفي شحيذ الحد عضب ذي فلول وقرئ : ردا علي التخفيف ، كما قرئ : الخب (ردءا يصدقني ) بالرفع والجزم صفة وجواب ، نحو (وليا يرثني ) سواء . فإن قلت : تصديق أخيه ما الفائدة فيه ؟ قلت : ليس الغرض بتصديقه أن يقول له : صدقت ، أو يقول للناس : صدق موسي ، وإنما هو أن يلخص بلسانه الحق ، ويبسط القول فيه ، ويجادل به الكفار ، كما يفعل الرجل المنطيق ذو العارضة ، فذلك جار مجري التصديق المفيد ، كما يصدق القول بالبرهان . ألا تري إلي قوله (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ) ، وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لذلك ، لا لقوله : صدقت ، فإن سحبان وباقلا يستويان فيه ، أو يصل جناح كلامه بالبيان ، حتي يصدقه الذي يخاف تكذيبه ، فأسند التصديق إلي هرون ، لانه السبب فيه إسنادا مجازيا . ومعني الاسناد المجازي : أن التصديق حقيقة في المصدق ، فإسناده إليه حقيقة وليس في السبب تصديق ، ولكن استعير له الاسناد لانه لابس التصديق بالتسبب كما لابسه الفاعل بالمباشرة . والدليل علي هذا الوجه قوله : (إني أخاف أن يكذبون ) وقراءة من قرأ : ردءا يصدقوني . وفيها تقوية للقراءة بجزم يصدقني .

51 - العضد : قوام اليد ، وبشدتها تشتد . قال طرفة : أبني لبيني لستمو بيد إلا يدا ليست لها عضد ويقال في دعاء الخير : شد الله عضدك . وفي ضده ، فت الله في عضدك . ومعني (سنشد عضدك بأخيك ) سنقويك به ونعينك ، فإما أن يكون ذلك لان اليد تشتد بشدة العضد . والجملة تقوي بشدة اليد علي مزاولة الامور . وإما لان الرجل شبه باليد في اشتدادها باشتداد العضد ، فجعل كأنه يد مشتدة بعضد شديدة (سلطانا) غلبة وتسلطا. أو حجة واضحة (بَياتنا) متعلق بنحو ما تعلق به في تسع آيات ، أي اذهبا بَياتنا. أو بنجعل لكما سلطانا ، أي : نسلطكما بَياتنا . أو بلا يصلون ، أي : تمتنعون منهم بَياتنا . أو هو بيان للغالبون لا صلة ، لامتناع تقدم الصلة علي الموصول . ولو تأخر : لم يكن إلا صلة له . ويجوز أن يكون قسما جوابه : لا يصلون ، مقدما عليه . أو من لغو القسم .

52 - (سحر مفتري ) سحر تعمله أنت ثم تفتريه علي الله . أو سحر ظاهر افتراؤه . أو موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عندالله (في آبائنا) حال منصوبة عن هذا ، أي : كائنا في زمانهم وأيامهم ، يريد : ما حدثنا بكونه فيهم ، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك ، وقد سمعوا وعلموا بنحوه . أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته . أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسي ومجيئه بما جاء به . وهذا دليل علي أنهم حجوا وبهتوا ، وما وجدوا ما يدفعون به ما جاءهم من الايات إلا قولهم هذا سحر وبدعة لم يسمعوا بمثلها .

مشخصات :
قرآن تبيان- جزء 21 - حزب 41 - سوره عنکبوت - صفحه 402
قرائت ترتیل سعد الغامدی-آيه اي-باکیفیت(MP3)
بصورت فونتی ، رسم الخط quran-simple-enhanced ، فونت قرآن طه
با اندازه فونت 25px
بصورت تصویری ، قرآن عثمان طه با کیفیت بالا

مشخصات ترجمه یا تفسیر :
تفسیر کشاف

انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
خدمات تلفن همراه
مراجعه: 93,480,681