خدمات تلفن همراه

قرآن تبيان- جزء 23 - حزب 45 - سوره یس - صفحه 442


وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا کُنَّا مُنزِلِینَ
28 - تقول : الشفاعة لزيد ، علي معني أنه الشافع ، كما تقول : الكرم لزيد . وعلي معني أنه المشفوع له ،كما تقول : القيام لزيد ، فاحتمل قوله (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) أن يكون علي أحد هذين الوجهين ، أي : لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له . أو لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له ، أي : لشفيعه ، أوهي اللام الثانية في قولك : أذن لزيد لعمرو، أي لاجله ، وكأنه قيل : إلا لمن وقع الاذن للشفيع لاجله ، وهذا وجه لطيف وهو الوجه ، وهذا تكذيب لقولهم : هؤلاء شفعاؤنا عندالله . فإن قلت : بما اتصل قوله (حتي إذا فزع عن قلوبهم ) ولاي شئ وقعت حتي غاية؟ قلت : بما فهم من هذا الكلام ، من أن ثم انتظارا للاذن وتوقعا وتمهلا وفزعا من الراجين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم أو لا يؤذن ؟ وأنه لا يطلق الاذن إلا بعد ملي من الزمان . وطول من التربص ، ومثل هذه الحال دل عليه قوله عزوجل (رب السموات والارض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) كأنه قيل : يتربصون ويتوقفون كليا فزعين وهلين ، حتي إذا فزع عن قلوبهم ، أي : كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الاذن : تباشروا بذلك وسأل بعضهم بعضا (ماذا قال ربكم قالوا) قال (الحق ) أي القول الحق ، وهو الاذن بالشفاعة لمن ارتضي . وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم "فاذا أذن لمن أذن أن يشفع فزعته الشفاعة " وقرئ أذن له ، أي : أذن له الله ، وأذن له علي البناء للمفعول . وقرأ الحسن : فزع ، مخففا، بمعني فزع . وقرئ فزع ، علي البناء للفاعل ، وهو الله وحده ، وفرع ،أي : نفي الوجل عنها وأفني ، من قولهم : فرغ الزاد ، إذا لم يبق منه شئ ، ثم ترك ذكر الوجل وأسند إلي الجار والمجرور ، كما تقول : دفع إلي زيد، إذا علم ما المدفوع وقد تخفف ، وأصله : فرغ الوجل عنها ،أي : انتفي عنها ، وفني ثم حذف الفاعل وأسند إلي الجار والمجرور . وقرأ : افرنقع عن قلوبهم ، بمعني : انكشف عنها . وعن أبي علقمة أنه هاج به المرار فالتف عليه الناس ، فلما أفاق قال : مالكم تكأ كأتم علي تكأ كأكم علي ذي جنة ؟ افرنقعوا عني . والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين ، كما ركب "اقمطر" من حروف القمط ، مع زيادة الراء. وقرئ الحق بالرفع ، أي : مقوله الحق (وهو العلي الكبير) ذو العلو والكبرياء ، ليس لملك ولا نبي أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه ، وأن يشفع إلا لمن ارتضي .
إِن کَانَتْ إِلَّا صَیْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ
29 - أمره بأن يقررهم بقوله (من يرزقكم ) ثم أمره بأن يتولي الاجابة والاقرار عنهم بقوله : يرزقكم الله . وذلك للاشعار بأنهم مقرون به بقلوبهم ، إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به ، لان الذي تمكن في صدورهم من العناد وحب الشرك قد ألجم أفواههم عن النطق بالحق مع علمهم بصحته ،ولانهم إن تفوهوا بأن الله رازقهم : لزمهم أن يقال لهم : فما لكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرن عليه من لا يقدر علي الرزق ، ألا تري إلي قوله (قل من يرزقكم من السماء والارض أمن يملك السمع والابصار) حتي قال : (فسيقولون الله ) ثم قال (فماذا بعد الحق إلا الضلال ) فكأنهم كانوا يقرون بألسنتهم مرة ، ومرة كانوا يتلعثمون عنادا وضرارا وحذارا من إلزام الحجة ، ونحوه قوله عزوجل (قل من رب السموات والارض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا) وأمره أن يقول لهم بعد الالزام والالجام الذي إن لم يزد علي إقرارهم بألسنتهم لم يتقاصر عنه (وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين ) ومعناه : وإن أحد الفريقين من الذين يتوحدون الرازق من السموات والارض بالعبادة ومن الذين يشركون به الجماد الذي لا يوصف بالقدرة ، لعلي أحد الامرين من الهدي والضلال ، وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به : قد أنصفك صاحبك ، وفي درجه بعد تقدمة ماقدم من التقرير البليغ : دلالة غير خفية علي من هو من الفريقين علي الهدي ومن هو في الضلال المبين ، ولكن التعريض والتورية أنضل بالمجادل إلي الغرض ، وأهجم به علي الغلبة ، مع قلة شغب الخصم وفل شوكته بالهوينا ونحوه قول الرجل لصاحبه : علم الله الصادق مني ومنك ، وإن أحدنا لكاذب . ومنه بيت حسان : أتهجوه ولست له بكف ء فشر كما لخبر كما الفداء فإن قلت : كيف خولف بين حرفي الجر الداخلين علي الحق والضلال ؟ قلت : لان صاحب الحق كأنه مستعل عل فرس جواد يركضه حيث شاء ، والضال كأنه منغمس في ظلام مرتبك فيه لا يدري أين يتوجه . وفي قراءة أبي : وإنا أو إياكم إما علي هدي أو في ضلال مبين .
یَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا یَأْتِیهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا کَانُوا بِهِ یَسْتَهْزِئُونَ
30 - هذا أدخل في الانصاف وأبلغ فيه من الاول ، حيث أسند الاجرام إلي المخاطبين والعمل إلي المخاطبين ، وإن أراد بالاجرام : الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن ، وبالعمل : الكفر والمعاصي العظام .
أَلَمْ یَرَوْا کَمْ أَهْلَکْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَیْهِمْ لَا یَرْجِعُونَ
31 - وفتح الله بينهم : وهو حكمه وفصله : أنه يدخل هؤلاء الجنة وأولئك النار .
وَإِن کُلٌّ لَّمَّا جَمِیعٌ لَّدَیْنَا مُحْضَرُونَ
32 - فإن قلت : ما معني قوله (أروني ) وكان يراهم ويعرفهم ؟ قلت : أراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله ، وأن يقايس علي أعينهم بينه وبين أصنامهم ليطلعهم علي إحالة القياس إليه والاشراك به . و(كلا) ردع لهم عن مذهبهم بعد ماكسده بإبطال المقايسة ، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام (أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) بعد ماحجهم ، وقد نبه علي تفاحش غلطهم وإن لم يقدروا الله حق قدره بقوله (هو الله العزيز الحكيم ) كأنه قال : أين الذين ألحقتم به شركاء من هذه الصفات وهو راجع إلي الله وحده . أو ضمير الشأن ، كما في قوله تعالي (قل هو الله أحد).
وَآیَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَیْتَةُ أَحْیَیْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ یَأْکُلُونَ
33 - (إلا كافة للناس ) إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم ، لانها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم . وقال الزجاج : المعني أرسلناك جامعا للناس في الانذار والابلاغ ، فجعله حالا من الكاف وحق التاء علي هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية والعلامة ، ومن جعله حالا من المجرور متقدما عليه فقد أخطأ ، لان تقدم حال المجرور عليه في الاحالة بمنزلة تقدم المجرور علي الجار، وكم تري ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقع به حتي بضم إليه أن يجعل اللام بمعني إلي ، لانه لايستوي له الخطأ الاول إلا بالخطأ الثاني ، فلا بدله من ارتكاب الخطأين .
وَجَعَلْنَا فِیهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِیلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِیهَا مِنَ الْعُیُونِ
34 - قرئ : ميعاد يوم . وميعاد يوم . وميعاد يوما . والميعاد : ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو ههنا الزمان . والديل عليه قراءة من قرأ : ميعاد يوم فأبدل منه اليوم . فإن قلت : فما تأويل من أضافه إلي يوم ، أو نصب يوما؟ قلت . أما الاضافة فاضافة تبيين ، كما تقول : سحق ثوب ، وبعير سانية . وأما نصب اليوم فعلي التعظيم بإضمار فعل تقديره : لكم ميعاد ، أعني يوما أو أريد يوما من صفته كيت وكيت . ويجوز أن يكون الرفع علي هذا ، أعني التعظيم . فإن قلت : كيف انطبق هذا جوابا علي سؤالهم ؟ قلت : ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتا ، لا استرشادا ، فجاء الجواب علي طريق التهديد مطابقا لمجئ السؤال علي سبيل الانكار والنعنت ، وأنهم مرصدون ليوم يفاجؤهم ، فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه .
لِیَأْکُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَیْدِیهِمْ أَفَلَا یَشْکُرُونَ
35 - قرئ : ميعاد يوم . وميعاد يوم . وميعاد يوما . والميعاد : ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو ههنا الزمان . والديل عليه قراءة من قرأ : ميعاد يوم فأبدل منه اليوم . فإن قلت : فما تأويل من أضافه إلي يوم ، أو نصب يوما؟ قلت . أما الاضافة فاضافة تبيين ، كما تقول : سحق ثوب ، وبعير سانية . وأما نصب اليوم فعلي التعظيم بإضمار فعل تقديره : لكم ميعاد ، أعني يوما أو أريد يوما من صفته كيت وكيت . ويجوز أن يكون الرفع علي هذا ، أعني التعظيم . فإن قلت : كيف انطبق هذا جوابا علي سؤالهم ؟ قلت : ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتا ، لا استرشادا ، فجاء الجواب علي طريق التهديد مطابقا لمجئ السؤال علي سبيل الانكار والنعنت ، وأنهم مرصدون ليوم يفاجؤهم ، فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه .
سُبْحَانَ الَّذِی خَلَقَ الْأَزْوَاجَ کُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا یَعْلَمُونَ
36 - الذي بين يديه : ما نزل قبل القرآن من كتب الله : يروي أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب فأخبروهم أنهم يجدون صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم في كتبهم ، فأغضبهم ذلك وقرنوا إلي القرآن جميع ما تقدمه من كتب الله عزول في الكفر . فكفروا به جميعا . وقيل : الذي بين يديه يوم القيامة . والمعني : أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله تعالي ، وأن يكون لمادل عليه من الاعادة للجزاء حقيقة ، ثم أخبر عن عاقبة أمرهم مَلهم في الاخرة فقال لرسوله عليه الصلاة والسلام أو للمخاطب (ولو تري ) في الاخرة موقفهم وهم يتجاذبون أطراف المحادثة ويتراجعونها بينهم ، لرأيت العجيب ، فحذف الجواب . والمستضعفون : هم الاتباع ، والمستكبرون : هم الرءوس والمقدمون .
وَآیَةٌ لَّهُمُ اللَّیْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ
37 - أولي الاسم أعني (نحن ) حرف الانكار ، لان الغرض إنكار أن يكونوا هم الصادين لهم عن الايمان ، وإثبات أنهم هم الذين صدوا بأنفسهم عنه ، وأنهم أبوا من قبل اختيارهم ، كأنهم قالوا : أنحن أجبرناكم وحلنا بينكم وبين كونكم ممكنين مختارين (بعد إذ جاءكم ) بعد أن صممتم علي الدخول في الايمان وصحت نياتكم في اختياره ؟ بل أنتم منعتم أنفسكم حظها وآثرتم الضلال علي الهدي وأطعتم آمر الشهوة دون آمر النهي ، فكنتم مجرمين كافرين لاختياركم لا لقولنا وتسويلنا . فإن قلت : إذ وإذا من الظروف اللازمة للظرفية ،فلم وقعت إذ مضافا إليها ؟ قلت : قد اتسع في الزمان مالم يتسع في غيره ، فأضيف إليها الزمان ، كما أضيف إلي الجمل في قولك : جنتك بعد إذ جاء زيد ، وحينئذ ، ويومئذ ، وكان ذلك أو ان الحجاج أمير، وحين خرج زيد . لما أنكر المستكبرون بقولهم (أنحن صددناكم ) أن يكونوا هم السبب في كفر المستضعفين وأثبتوا بقولهم (بل كنتم مجرمين ) أن ذلك بكسبهم واختيارهم .
وَالشَّمْسُ تَجْرِی لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِکَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ
38 - كر عليهم المستضعفون بقولهم (بل مكر الليل والنهار) فأبطلوا إضرابهم بإضرابهم ، كأنهم قالوا : ما كان الاجرام من جهتنا ، بل من جهة مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا ، وحملكم إيانا علي الشرك واتخاذ الانداد . ومعني مكر الليل والنهار : مكركم في الليل والنهار ، فاتسع في الظرف بإجرائه مجري المفعول به وإضافة المكر إليه . أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين علي الاسناد المجازي . وقرئ : بل مكر الليل والنهار بالتنوين ونصب الظرفين . وبل مكر الليل والنهار بالرفع والنصب . أي تكرون الاغواء مكرا دائبا لا تفترون عنه . فإن قلت : ما وجه الرفع والنصب ؟ قلت : هو مبتدأ أو خبر ، علي معني : بل سبب ذلك مكركم أو مكركم ، أو مكركم أو مكركم سبب ذلك . والنصب علي : بل تكرون الاغواء مكر الليل والنهار : فإن قلت : لم قيل : (قال الذين استكبروا) ، بغير عاطف ، وقيل (وقال الذين استضعفوا)؟ قلت : لان الذين استضعفوا مر أولا كلامهم ،فجئ بالجواب محذوف العاطف علي طريقة الاستئناف ، ثم جئ بكلام آخر للمستضعفين ، فعطف علي كلامهم الاول فإن قلت : من صاحب الضمير في (وأسروا) قلت : الجنس المشتمل علي النوعين من المستكبرين والمستضعفين ، وهم الظالمون في قوله (إذا الظالمون موقوفون عند ربهم ) يندم المستكبرون علي ضلالهم وإضلالهم ، والمستضعفون علي ضلالهم واتباعهم المضلين (في أعناق الذين كفروا) أي في أعناقهم ، فجاء بالصريح للتنويه بذمهم ، وللدلالة علي ما استحقوا به الاغلال . وعن قتادة : أسروا الكلام بذلك بينهم . وقيل : أسروا الندامة أظهروها ، وهو من الاضداد .
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَدِیمِ
39 - هذه تسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم مما مني به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به ، والمنافسة بكثرة الاموال والاولاد ، والمفاخرة وزخارفها ، والتكبر بذلك علي المؤمنين ، والاستهانة بهم من أجله ، وقولهم (أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا) وأنه لم يرسل قط إلي أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ماقال لرسول الله صلي الله عليه وسلم أهل مكة وكادوه بنحو ما كادوه به .
لَا الشَّمْسُ یَنبَغِی لَهَا أَن تُدْرِکَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّیْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَکُلٌّ فِی فَلَکٍ یَسْبَحُونَ
40 - وقاسوا أمر الاخرة الموهومة أو المفروضة عندهم علي أمر الدنيا ، واعتقدوا أنهم لو لم يكرموا علي الله لما رزقهم ، ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم ، فعلي قياسهم ذلك قالوا (وما نحن بمعذبين ) أرادوا أنهم أكرم علي الله من أن يعذبهم ، نظرا إلي أحوالهم في الدنيا .

صفحه : 442
بزرگتر  کوچکتر  بدون ترجمه  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
قرآن  عثمان طه با کیفیت بالا صفحه 442
تصویر  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 

28 - تقول : الشفاعة لزيد ، علي معني أنه الشافع ، كما تقول : الكرم لزيد . وعلي معني أنه المشفوع له ،كما تقول : القيام لزيد ، فاحتمل قوله (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) أن يكون علي أحد هذين الوجهين ، أي : لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له . أو لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له ، أي : لشفيعه ، أوهي اللام الثانية في قولك : أذن لزيد لعمرو، أي لاجله ، وكأنه قيل : إلا لمن وقع الاذن للشفيع لاجله ، وهذا وجه لطيف وهو الوجه ، وهذا تكذيب لقولهم : هؤلاء شفعاؤنا عندالله . فإن قلت : بما اتصل قوله (حتي إذا فزع عن قلوبهم ) ولاي شئ وقعت حتي غاية؟ قلت : بما فهم من هذا الكلام ، من أن ثم انتظارا للاذن وتوقعا وتمهلا وفزعا من الراجين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم أو لا يؤذن ؟ وأنه لا يطلق الاذن إلا بعد ملي من الزمان . وطول من التربص ، ومثل هذه الحال دل عليه قوله عزوجل (رب السموات والارض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) كأنه قيل : يتربصون ويتوقفون كليا فزعين وهلين ، حتي إذا فزع عن قلوبهم ، أي : كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الاذن : تباشروا بذلك وسأل بعضهم بعضا (ماذا قال ربكم قالوا) قال (الحق ) أي القول الحق ، وهو الاذن بالشفاعة لمن ارتضي . وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم "فاذا أذن لمن أذن أن يشفع فزعته الشفاعة " وقرئ أذن له ، أي : أذن له الله ، وأذن له علي البناء للمفعول . وقرأ الحسن : فزع ، مخففا، بمعني فزع . وقرئ فزع ، علي البناء للفاعل ، وهو الله وحده ، وفرع ،أي : نفي الوجل عنها وأفني ، من قولهم : فرغ الزاد ، إذا لم يبق منه شئ ، ثم ترك ذكر الوجل وأسند إلي الجار والمجرور ، كما تقول : دفع إلي زيد، إذا علم ما المدفوع وقد تخفف ، وأصله : فرغ الوجل عنها ،أي : انتفي عنها ، وفني ثم حذف الفاعل وأسند إلي الجار والمجرور . وقرأ : افرنقع عن قلوبهم ، بمعني : انكشف عنها . وعن أبي علقمة أنه هاج به المرار فالتف عليه الناس ، فلما أفاق قال : مالكم تكأ كأتم علي تكأ كأكم علي ذي جنة ؟ افرنقعوا عني . والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين ، كما ركب "اقمطر" من حروف القمط ، مع زيادة الراء. وقرئ الحق بالرفع ، أي : مقوله الحق (وهو العلي الكبير) ذو العلو والكبرياء ، ليس لملك ولا نبي أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه ، وأن يشفع إلا لمن ارتضي .

29 - أمره بأن يقررهم بقوله (من يرزقكم ) ثم أمره بأن يتولي الاجابة والاقرار عنهم بقوله : يرزقكم الله . وذلك للاشعار بأنهم مقرون به بقلوبهم ، إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به ، لان الذي تمكن في صدورهم من العناد وحب الشرك قد ألجم أفواههم عن النطق بالحق مع علمهم بصحته ،ولانهم إن تفوهوا بأن الله رازقهم : لزمهم أن يقال لهم : فما لكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرن عليه من لا يقدر علي الرزق ، ألا تري إلي قوله (قل من يرزقكم من السماء والارض أمن يملك السمع والابصار) حتي قال : (فسيقولون الله ) ثم قال (فماذا بعد الحق إلا الضلال ) فكأنهم كانوا يقرون بألسنتهم مرة ، ومرة كانوا يتلعثمون عنادا وضرارا وحذارا من إلزام الحجة ، ونحوه قوله عزوجل (قل من رب السموات والارض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا) وأمره أن يقول لهم بعد الالزام والالجام الذي إن لم يزد علي إقرارهم بألسنتهم لم يتقاصر عنه (وإنا أو إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين ) ومعناه : وإن أحد الفريقين من الذين يتوحدون الرازق من السموات والارض بالعبادة ومن الذين يشركون به الجماد الذي لا يوصف بالقدرة ، لعلي أحد الامرين من الهدي والضلال ، وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به : قد أنصفك صاحبك ، وفي درجه بعد تقدمة ماقدم من التقرير البليغ : دلالة غير خفية علي من هو من الفريقين علي الهدي ومن هو في الضلال المبين ، ولكن التعريض والتورية أنضل بالمجادل إلي الغرض ، وأهجم به علي الغلبة ، مع قلة شغب الخصم وفل شوكته بالهوينا ونحوه قول الرجل لصاحبه : علم الله الصادق مني ومنك ، وإن أحدنا لكاذب . ومنه بيت حسان : أتهجوه ولست له بكف ء فشر كما لخبر كما الفداء فإن قلت : كيف خولف بين حرفي الجر الداخلين علي الحق والضلال ؟ قلت : لان صاحب الحق كأنه مستعل عل فرس جواد يركضه حيث شاء ، والضال كأنه منغمس في ظلام مرتبك فيه لا يدري أين يتوجه . وفي قراءة أبي : وإنا أو إياكم إما علي هدي أو في ضلال مبين .

30 - هذا أدخل في الانصاف وأبلغ فيه من الاول ، حيث أسند الاجرام إلي المخاطبين والعمل إلي المخاطبين ، وإن أراد بالاجرام : الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن ، وبالعمل : الكفر والمعاصي العظام .

31 - وفتح الله بينهم : وهو حكمه وفصله : أنه يدخل هؤلاء الجنة وأولئك النار .

32 - فإن قلت : ما معني قوله (أروني ) وكان يراهم ويعرفهم ؟ قلت : أراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله ، وأن يقايس علي أعينهم بينه وبين أصنامهم ليطلعهم علي إحالة القياس إليه والاشراك به . و(كلا) ردع لهم عن مذهبهم بعد ماكسده بإبطال المقايسة ، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام (أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) بعد ماحجهم ، وقد نبه علي تفاحش غلطهم وإن لم يقدروا الله حق قدره بقوله (هو الله العزيز الحكيم ) كأنه قال : أين الذين ألحقتم به شركاء من هذه الصفات وهو راجع إلي الله وحده . أو ضمير الشأن ، كما في قوله تعالي (قل هو الله أحد).

33 - (إلا كافة للناس ) إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم ، لانها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم . وقال الزجاج : المعني أرسلناك جامعا للناس في الانذار والابلاغ ، فجعله حالا من الكاف وحق التاء علي هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية والعلامة ، ومن جعله حالا من المجرور متقدما عليه فقد أخطأ ، لان تقدم حال المجرور عليه في الاحالة بمنزلة تقدم المجرور علي الجار، وكم تري ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقع به حتي بضم إليه أن يجعل اللام بمعني إلي ، لانه لايستوي له الخطأ الاول إلا بالخطأ الثاني ، فلا بدله من ارتكاب الخطأين .

34 - قرئ : ميعاد يوم . وميعاد يوم . وميعاد يوما . والميعاد : ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو ههنا الزمان . والديل عليه قراءة من قرأ : ميعاد يوم فأبدل منه اليوم . فإن قلت : فما تأويل من أضافه إلي يوم ، أو نصب يوما؟ قلت . أما الاضافة فاضافة تبيين ، كما تقول : سحق ثوب ، وبعير سانية . وأما نصب اليوم فعلي التعظيم بإضمار فعل تقديره : لكم ميعاد ، أعني يوما أو أريد يوما من صفته كيت وكيت . ويجوز أن يكون الرفع علي هذا ، أعني التعظيم . فإن قلت : كيف انطبق هذا جوابا علي سؤالهم ؟ قلت : ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتا ، لا استرشادا ، فجاء الجواب علي طريق التهديد مطابقا لمجئ السؤال علي سبيل الانكار والنعنت ، وأنهم مرصدون ليوم يفاجؤهم ، فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه .

35 - قرئ : ميعاد يوم . وميعاد يوم . وميعاد يوما . والميعاد : ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو ههنا الزمان . والديل عليه قراءة من قرأ : ميعاد يوم فأبدل منه اليوم . فإن قلت : فما تأويل من أضافه إلي يوم ، أو نصب يوما؟ قلت . أما الاضافة فاضافة تبيين ، كما تقول : سحق ثوب ، وبعير سانية . وأما نصب اليوم فعلي التعظيم بإضمار فعل تقديره : لكم ميعاد ، أعني يوما أو أريد يوما من صفته كيت وكيت . ويجوز أن يكون الرفع علي هذا ، أعني التعظيم . فإن قلت : كيف انطبق هذا جوابا علي سؤالهم ؟ قلت : ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتا ، لا استرشادا ، فجاء الجواب علي طريق التهديد مطابقا لمجئ السؤال علي سبيل الانكار والنعنت ، وأنهم مرصدون ليوم يفاجؤهم ، فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه .

36 - الذي بين يديه : ما نزل قبل القرآن من كتب الله : يروي أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب فأخبروهم أنهم يجدون صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم في كتبهم ، فأغضبهم ذلك وقرنوا إلي القرآن جميع ما تقدمه من كتب الله عزول في الكفر . فكفروا به جميعا . وقيل : الذي بين يديه يوم القيامة . والمعني : أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله تعالي ، وأن يكون لمادل عليه من الاعادة للجزاء حقيقة ، ثم أخبر عن عاقبة أمرهم مَلهم في الاخرة فقال لرسوله عليه الصلاة والسلام أو للمخاطب (ولو تري ) في الاخرة موقفهم وهم يتجاذبون أطراف المحادثة ويتراجعونها بينهم ، لرأيت العجيب ، فحذف الجواب . والمستضعفون : هم الاتباع ، والمستكبرون : هم الرءوس والمقدمون .

37 - أولي الاسم أعني (نحن ) حرف الانكار ، لان الغرض إنكار أن يكونوا هم الصادين لهم عن الايمان ، وإثبات أنهم هم الذين صدوا بأنفسهم عنه ، وأنهم أبوا من قبل اختيارهم ، كأنهم قالوا : أنحن أجبرناكم وحلنا بينكم وبين كونكم ممكنين مختارين (بعد إذ جاءكم ) بعد أن صممتم علي الدخول في الايمان وصحت نياتكم في اختياره ؟ بل أنتم منعتم أنفسكم حظها وآثرتم الضلال علي الهدي وأطعتم آمر الشهوة دون آمر النهي ، فكنتم مجرمين كافرين لاختياركم لا لقولنا وتسويلنا . فإن قلت : إذ وإذا من الظروف اللازمة للظرفية ،فلم وقعت إذ مضافا إليها ؟ قلت : قد اتسع في الزمان مالم يتسع في غيره ، فأضيف إليها الزمان ، كما أضيف إلي الجمل في قولك : جنتك بعد إذ جاء زيد ، وحينئذ ، ويومئذ ، وكان ذلك أو ان الحجاج أمير، وحين خرج زيد . لما أنكر المستكبرون بقولهم (أنحن صددناكم ) أن يكونوا هم السبب في كفر المستضعفين وأثبتوا بقولهم (بل كنتم مجرمين ) أن ذلك بكسبهم واختيارهم .

38 - كر عليهم المستضعفون بقولهم (بل مكر الليل والنهار) فأبطلوا إضرابهم بإضرابهم ، كأنهم قالوا : ما كان الاجرام من جهتنا ، بل من جهة مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا ، وحملكم إيانا علي الشرك واتخاذ الانداد . ومعني مكر الليل والنهار : مكركم في الليل والنهار ، فاتسع في الظرف بإجرائه مجري المفعول به وإضافة المكر إليه . أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين علي الاسناد المجازي . وقرئ : بل مكر الليل والنهار بالتنوين ونصب الظرفين . وبل مكر الليل والنهار بالرفع والنصب . أي تكرون الاغواء مكرا دائبا لا تفترون عنه . فإن قلت : ما وجه الرفع والنصب ؟ قلت : هو مبتدأ أو خبر ، علي معني : بل سبب ذلك مكركم أو مكركم ، أو مكركم أو مكركم سبب ذلك . والنصب علي : بل تكرون الاغواء مكر الليل والنهار : فإن قلت : لم قيل : (قال الذين استكبروا) ، بغير عاطف ، وقيل (وقال الذين استضعفوا)؟ قلت : لان الذين استضعفوا مر أولا كلامهم ،فجئ بالجواب محذوف العاطف علي طريقة الاستئناف ، ثم جئ بكلام آخر للمستضعفين ، فعطف علي كلامهم الاول فإن قلت : من صاحب الضمير في (وأسروا) قلت : الجنس المشتمل علي النوعين من المستكبرين والمستضعفين ، وهم الظالمون في قوله (إذا الظالمون موقوفون عند ربهم ) يندم المستكبرون علي ضلالهم وإضلالهم ، والمستضعفون علي ضلالهم واتباعهم المضلين (في أعناق الذين كفروا) أي في أعناقهم ، فجاء بالصريح للتنويه بذمهم ، وللدلالة علي ما استحقوا به الاغلال . وعن قتادة : أسروا الكلام بذلك بينهم . وقيل : أسروا الندامة أظهروها ، وهو من الاضداد .

39 - هذه تسلية لرسول الله صلي الله عليه وسلم مما مني به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به ، والمنافسة بكثرة الاموال والاولاد ، والمفاخرة وزخارفها ، والتكبر بذلك علي المؤمنين ، والاستهانة بهم من أجله ، وقولهم (أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا) وأنه لم يرسل قط إلي أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ماقال لرسول الله صلي الله عليه وسلم أهل مكة وكادوه بنحو ما كادوه به .

40 - وقاسوا أمر الاخرة الموهومة أو المفروضة عندهم علي أمر الدنيا ، واعتقدوا أنهم لو لم يكرموا علي الله لما رزقهم ، ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم ، فعلي قياسهم ذلك قالوا (وما نحن بمعذبين ) أرادوا أنهم أكرم علي الله من أن يعذبهم ، نظرا إلي أحوالهم في الدنيا .

مشخصات :
قرآن تبيان- جزء 23 - حزب 45 - سوره یس - صفحه 442
قرائت ترتیل سعد الغامدی-آيه اي-باکیفیت(MP3)
بصورت فونتی ، رسم الخط quran-simple-enhanced ، فونت قرآن طه
با اندازه فونت 25px
بصورت تصویری ، قرآن عثمان طه با کیفیت بالا

مشخصات ترجمه یا تفسیر :
تفسیر کشاف

انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
خدمات تلفن همراه
مراجعه: 93,360,477